ولعلّ رواية
الكليني إيّاها وموافقة غيره له ودعوى الإجماع الذي اشير إليه يجبرها ، لكن
للمناقشة سندا ودلالة بعد مجال ، والاحتياط واضح.
ومثل دود الحش
وصراصره وغيرهما ممّا يكون من النجس ، فإنّ المحقّق تردّد فيها لذلك ، ولما دلّ
على طهارة ما مات فيه حيوان لا نفس له من غير الفصل ، ولأنّ المعلوم هو تولّدها في
النجاسة لا من النجاسة ، فلا يحكم بنجاستها ، وإن لاقت النجاسة إذا خلت من عينها [١] ، انتهى.
ولا يخفى أنّ
أصالة الطهارة لا يصادمها [٢] ما ذكره ، سيّما مع معاضدتها لما ذكرناه ، لأنّ تولّد
الحيوان من نجس العين لا دليل على نجاسته سوى توهّم الاستصحاب.
وفيه ، أنّ
الاستصحاب شرطه بقاء موضوع الحكم على حاله ، وإن وقع بالنسبة إليه تغيّر ما ، فإذا
انعدم ماهيّته وانقلبت بغيره ـ كأن يصير الكلب ملحا ، والعذرة دودا ، والميتة
ترابا أو دودا ، ودم الإنسان دم البق ، وأمثاله إلى غير ذلك ، مثل استحالة النجاسات
في الحياض إلى الماء المطلق ، وغيرها ممّا لا يحصى ، وكذلك الخمر خلّا ، إلى غير
ذلك ـ يتغيّر الحكم البتّة ، ويكون الأصل الطهارة.
ولذا جعلوا من
المطهّرات الاستحالة والانقلاب كليّا ، لأنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للأسامي
والحقائق ، إذ الملح لا يصدق عليه أنّه كلب بوجه من الوجوه.
وقس على ذلك
حال البواقي ، ومثل الجنين فإنّه إذا تمّ خلقته وذكّيت امه بذكاة شرعيّة ، يكون
حلالا طاهرا ، إنّ ذكاته ذكاة امّه ، وإلّا يكون نجسا ، إذا حلّ