المشهور عند
علمائنا أنّ النار مطهّرة لما يستحيل بها رمادا أو دخانا ، لما ستعرف من كون
الاستحالة من المطهّرات ، وللإجماع الذي نقله في «الخلاف» [١] والإجماع الذي
نقله في «المعتبر» من أنّ الناس أجمعوا على عدم توقّي دواخن السراجين النجسة [٢] ، ولو لم تكن
طاهرة لما أجمعوا.
لكن قال في «المدارك»
بعد ذلك : ولا معارض لذلك إلّا التمسّك بالاستصحاب ، وهو لا يصلح للمعارضة ، لما
بيّناه مرارا من أنّ استمرار الحكم يتوقّف على الدليل ، كما يتوقّف ابتداؤه [٣] ، انتهى.
وفيه ، أنّ ما
ذكره من الإجماع لو كان دليلا ، فلا شكّ في عدم معارضة الاستصحاب إيّاه على القول
بحجّيّته أيضا ، لأنّ الاستصحاب لا يعارض الدليل الشرعي ، فإنّ معناه الحكم ببقاء
الحكم إلى أن يثبت من الشرع عدم البقاء.
مع أنّ الأدلّة
على حجّية الاستصحاب كثيرة ، إذ الأخبار الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بحكم
الشكّ فيه بعد ذلك اليقين كثيرة ، واضحة السند والدلالة ، بل في غير واحد منها عدم
جواز نقض اليقين إلّا بيقين مثله [٤].
مع أنّه رحمهالله مداره على حجّية الاستصحاب ، مع أنّ الاستصحاب لا يجري
بعد تغيّر الماهيّة بالبديهة ، ولم يقل ذلك أحد. فإنّ الكلب نجس ما دام كلبا ،
فأمّا إذا صار ملحا أو ترابا فلا يكون نجسا قطعا ، لأنّ المحكوم بالنجاسة لم يكن
إلّا الكلب