ولما قال القوم لمريم : (
يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا )[٢]
أي مفترى مكذوباً ، أو عظيماً في المناهي ، ( يَا أُخْتَ هَارُونَ
مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )[٣] فأشارت مريم إلى
عيسى وهو في المهد وطلبت منهم أن يستفسروا منه عن الأمر ، فقالوا : ( كَيْفَ نُكَلِّمُ
مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا )[٤] فأنطق الله عيسى ، ( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ
الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا *
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا *
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ). [٥]
فمريم هي الصدّيقة بنص القرآن الكريم ،
وبينها وبين فاطمة الزهراء مشتركات كثيرة ، منها أنهما من سلالة النبوة ، والنبوة سلالة بعضها من بعض ، لقوله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ
وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ
لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ، [٦]
فهي ابنة نبي وفاطمة ابنة خاتم الأنبياء ، ومريم أم لنبي وفاطمة أُم لأبيها وأم لوصيَّين بل أمّ الأوصياء ، ومريم
ولدت من غير زوج على نحو الإعجاز حيث لم يكن لها كفو ، وفاطمة أنجبت من