نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 3 صفحه : 49
لتستقرّ إلاّ على ما
جعلها اللّه عليه من النّعماء [١]
والابتلاء والجزاء فى المعاد ، أو ما شاء ممّا لا نعلم. فإن أشكل عليك شىء من ذلك
فاحمله على جهالتك به ، فإنّك أوّل ما خلقت جاهلا ثمّ علّمت ، وما أكثر ما تجهل من
الأمر ، ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ، ثمّ تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالّذى
خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك ، وإليه رغبتك ، ومنه شفقتك [٢]. واعلم ، يا بنىّ ، أنّ أحدا لم ينبئ
عن اللّه كما أنبأ عنه الرّسول ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فارض به رائدا [٣] وإلى النّجاة قائدا ، فإنّى لم آلك
نصيحة [٤] وإنّك لن تبلغ فى النّظر لنفسك ـ وإن اجتهدت ـ مبلغ
نظرى لك. واعلم ، يا بنىّ ، أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه
وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد! كما وصف نفسه ، لا يضادّه فى
ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ، ولم يزل ، أوّل قبل الأشياء بلا
[١] لا تثبت الدنيا
إلا ما أودع اللّه فى طبيعتها من التلون بالنعماء تارة ، والاختبار بالبلاء تارة ،
وإعقابها للجزاء فى المعاد يوم القيامة : على الخير خيرا ، وعلى الشر شرا.