نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 3 صفحه : 183
اكتسبوا فيها
الرّحمة ، وربحوا فيها الجنّة ، فمن ذا يذمّها وقد آذنت ببينها [١] ونادت بفراقها ، ونعت نفسها وأهلها
فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، وشوّقتهم بسرورها إلى السّرور؟؟!! راحت بعافية [٢] ، وابتكرت بفجيعة ، ترغيبا وترهيبا ، وتخويفا
وتحذيرا ، فذمّها رجال غداة النّدامة [٣]
، وحمدها آخرون يوم القيامة ، ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا ، وحدّثتهم فصدّقوا ، ووعظتهم
فاتّعظوا.
١٣٢ ـ وقال عليه السلام : إنّ للّه ملكا
ينادى فى كلّ يوم : لدوا للموت [٤] ، واجمعوا للفناء ،
وابنوا للخراب.
١٣٣ ـ وقال عليه السلام : الدّنيا دار
ممرّ لا دار مقرّ ، والنّاس فيها رجلان : رجل باع فيها نفسه فأوبقها [٥] ،
ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.
[١] آذنت ـ بمد
الهمزة ـ أى : أعلمت أهلها ببينها ، أى : ببعدها وزوالها عنهم. ونعاه : إذا أخبر
بفقده ، والدنيا أخبرت بفنائها وفناء أهلها بما ظهر من أحوالها
[٢] راح إليه : وافاه
وقت العشى ، أى : إنها تمشى بعافية ، و «تبتكر» أى : تصبح بفجيعة ، أى : بمصيبة
فاجعة
[٣] أى : ذموها عند
ما أصبحوا نادمين على ما فرطوا فيها ، أما الذين حمدوها فهم الذين عملوا فجنوا
ثمرة أعمالهم ، ذكرتهم بحوادثها فانتبهوا لما يجب عليهم ، وكأنها بتقلبها تحدثهم
بما فيه العبرة وتحكى لهم ما به العظة