كأنّى أراهم قوما كأنّ وجوههم المجانّ
المطرقة [١]
، يلبسون السّرق والدّيباج [٢]ويعتقبون الخيل العتاق [٣]
ويكون هناك استحرار قتل حتّى [٤] يمشى المجروح على
المقتول ، ويكون المفلت أقلّ من المأسور.
كانوا عبيدا لدهاقين
البصرة ، ولم يكونوا ذوى زوجات وأولاد ، بل كانوا على هيئة الشطار عزابا فلا نادبة
لهم. وقوله «ولا يفتقد غائبهم» يريد أنهم كثير فكلما قتل منهم قتيل سد غيره مسده ،
فلا يظهر أثر فقده. وقوله «أنا كاب الدنيا لوجهها» قد روى مثل ذلك عن عيسى ابن
مريم عليه السّلام قال «أنا الذى كببت الدنيا على وجهها ، ليس لى زوجة تموت ، ولا
بيت يخرب ، وسادى الحجر ، وفراشى المدر ، وسراجى القمر» والعبارة كناية عن الزهادة
فى الدنيا والصدف عنها
[١] المجان : جمع
مجن ـ بكسر الميم ـ وهو الترس ، وإنما سمى مجنا لأنه يستتر به ، والجنة ـ بالضم ـ السترة
، وجمعها جنن بوزان غرفة وغرف ـ والمطرقة ـ بسكون الطاء وفتح الراء ـ التى أطرق
بعضها إلى بعض أى : صمت طبقاتها فجعل بعضها يتلو بعضا ، ويقال : جاءت الابل مطاريق
، أى : يتلو بعضها بعضا. وقال الشيخ الامام رضى اللّه عنه : فى القاموس «أى : التى
يطرق بعضها على بعض كالنعل المطرقة ـ أى : المخصوفة ـ وهو عجز عن التعبير ، والأحسن
أن يقال : أى التى أزلق بها الطراق ـ ككتاب ـ وهو جلد يقور على مقدار الترس ثم
يلزق به.
[٢] السرق ـ بالتحريك
ـ : شقق الحرير الأبيض ، أو هو الحرير عامة. واحدتها سرقة
[٣] يعتقبون : يحتبسون
كرائم الخيل يمنعونها غيرهم ، وقال ابن أبى الحديد : «يعتقبون الخيل ، أى : يجنبونها
لينتقلوا من غيرها إليها» اه
[٤] استحرار القتل : اشتداده.
وتقول : حر القتل ، واستحر ، وهما بمعنى واحد ، قال ابن الزبعرى : ـ حيث ألقت
بقباء بركها واستحر القتل فى عبد الأشل
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 14