نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 77
إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه وآله
وليس أحد من العرب يقرأ كتابا ، ولا يدّعى نبوّة ، فساق النّاس حتّى بوّأهم
محلّتهم ، وبلّغهم منجاتهم [١]
فاستقامت قناتهم [٢]
، واطمأنّت صفاتهم. أما واللّه إن كنت لفى ساقتها [٣] حتّى ولت بحذافيرها : ما ضعفت ولا جبنت
وإنّ مسيرى هذا لمثلها [٤] فلأنقبنّ الباطل
حتّى يخرج الحقّ من جنبه [٥] مالى ولقريش! واللّه
لقد قاتلتهم كافرين
[١] بوأهم محلتهم ، أى
: أنزلهم منزلتهم ، فالناس قبل الاسلام كأنهم كانوا غرباء مشردين والاسلام هو
منزلهم الذى يسكنون فيه ويأمنون من المخاوف ، فالنبى صلّى اللّه عليه وسلم ساق
الناس حتى أوصلهم إلى منزلهم من الاسلام الذين كانوا قد ضلوا عنه وبلغهم بذلك مكان
نجاتهم من المهالك
[٢] القناة : العود
، والرمح ، والكلام تمثيل لاستقامة أحوالهم ، والصفاة : الحجر الصلد الضخم ، وأراد
به مواطئ أقدامهم. والكلام تصوير لاستقرارهم على راحة كاملة وخلاصهم مما كان يرجف
قلوبهم ويزلزل أقدامهم
[٣] «إن كنت الخ».
إن هذه هى المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف ، والأصل «إنه كنت الخ» والمعنى
قد كنت ، والساقة : مؤخر الجيش السائق لمقدمه ، و «ولت بحذافيرها» : بجملتها وأسرها
، ويقال : «أخذه بحذفاره» بكسر الحاء وسكون الذال ـ و «أخذه بحذفوره» ـ بضم فسكون
ـ و «أخذه بحذافيره» والضمائر فى «ساقتها» و «ولت بحذافيرها» عائدة إلى الحادثة
المفهومة من الحديث وهى ما أنعم اللّه به من بعثة النبى صلّى اللّه عليه وسلم
ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، ومن الذلة للعزة. وقال الشارح ابن أبى الحديد : الضمائر
للجاهلية المفهومة من الكلام ، وكونه فى ساقتها أنه طارد لها. ويضعفه أن ساقة
الجيش منه لا من مقاتليه ، فلو كان فى ساقة الجاهلية لكان من جيشها ، نعوذ باللّه
، ويمكن تصحيح كلام الشارح يجعل الساقة جمع سائق ، أى : كنت فى الذين يسوقونها
طردا حتى ولت