ودَارَ الآخِرَةِ ـ. أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَيْتَنِي عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَيْتَ ـ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلَى هَذِه النُّسْخَةِ ـ فَلَمْ تَرْغَبْ فِي شِرَاءِ هَذِه الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ.
والنُّسْخَةُ هَذِه ـ هَذَا مَا اشْتَرَى عَبْدٌ ذَلِيلٌ مِنْ مَيِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِيلِ ـ اشْتَرَى مِنْه دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ ـ مِنْ جَانِبِ الْفَانِينَ وخِطَّةِ [٣٣١١] الْهَالِكِينَ ـ وتَجْمَعُ هَذِه الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ ـ الْحَدُّ الأَوَّلُ يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الآفَاتِ ـ والْحَدُّ الثَّانِي يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الْمُصِيبَاتِ ـ والْحَدُّ الثَّالِثُ يَنْتَهِي إِلَى الْهَوَى الْمُرْدِي ـ والْحَدُّ الرَّابِعُ يَنْتَهِي إِلَى الشَّيْطَانِ الْمُغْوِي ـ وفِيه يُشْرَعُ [٣٣١٢] بَابُ هَذِه الدَّارِ ـ اشْتَرَى هَذَا الْمُغْتَرُّ بِالأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالأَجَلِ ـ هَذِه الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ ـ والدُّخُولِ فِي ذُلِّ الطَّلَبِ والضَّرَاعَةِ [٣٣١٣] ـ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَى مِنْه مِنْ دَرَكٍ ـ فَعَلَى مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ [٣٣١٤] الْمُلُوكِ وسَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ ـ ومُزِيلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ ـ مِثْلِ كِسْرَى وقَيْصَرَ وتُبَّعٍ وحِمْيَرَ ـ ومَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَكْثَرَ ـ ومَنْ بَنَى وشَيَّدَ [٣٣١٥] وزَخْرَفَ ونَجَّدَ [٣٣١٦] ـ وادَّخَرَ واعْتَقَدَ [٣٣١٧] ونَظَرَ بِزَعْمِه لِلْوَلَدِ ـ إِشْخَاصُهُمْ [٣٣١٨] جَمِيعاً إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ والْحِسَابِ ـ ومَوْضِعِ الثَّوَابِ والْعِقَابِ ـ إِذَا وَقَعَ الأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ (وخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) ـ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى ـ وسَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا.»