و أما قولك إنه أضافه
إليه بذكر الصحبة فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن اسم الصحبة يجمع بين المؤمن و
الكافر و الدليل على ذلك قوله تعالى قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَ
كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ
رَجُلًا[1] و أيضا فإن اسم
الصحبة تطلق بين العاقل و بين البهيمة و الدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل
القرآن بلسانهم فقال الله عز و جل وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
بِلِسانِ قَوْمِهِ[2] إنهم سموا
الحمار صاحبا فقالوا
إن الحمار مع الحمار مطية
فإذا خلوت به فبئس الصاحب.
و أيضا قد سموا الجماد
مع الحي صاحبا قالوا ذلك في السيف شعرا-
زرت هندا و ذاك غير اختيان
و معي صاحب كتوم اللسان.
يعني السيف فإذا كان اسم
الصحبة يقع بين المؤمن و الكافر و بين العاقل و البهيمة و بين الحيوان و الجماد
فأي حجة لصاحبك فيه.
و أما قولك إنه قال لا تَحْزَنْ فإنه وبال عليه
و منقصة له و دليل على خطئه لأن قوله لا تَحْزَنْ نهي و صورة النهي قول
القائل لا تفعل لا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية فإن كان طاعة
فإن النبي ص لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها و يدعو إليها و إن كان معصية فقد نهاه
النبي ص عنها و قد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
و أما قولك إنه قال إِنَّ
اللَّهَ مَعَنا فإن النبي ص قد أخبر أن الله معه و عبر عن نفسه بلفظ الجمع
كقوله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ[3] و قيل أيضا في
هذا إن أبا بكر قال- يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه فقال
له النبي ص لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا أي معي و مع أخي علي بن
أبي طالب ع.
و أما قولك إن السكينة
نزلت على أبي بكر فإنه ترك للظاهر لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده
بالجنود و كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله- فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ
عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها[4] فإن كان أبو بكر هو
صاحب السكينة فهو صاحب الجنود و في هذا إخراج للنبي ص من النبوة على أن هذا الموضع
لو كتمته عن صاحبك كان خيرا لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي ص في موضعين-
كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها فقال في أحد الموضعين- فَأَنْزَلَ اللَّهُ
سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ
التَّقْوى[5] و قال في
الموضع الآخر- أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ