اللَّهِ مَا أُهْمِلْتُمْ لَقَدْ نُصِبَ لَكُمْ عَلَمٌ يُحِلُّ لَكُمُ الْحَلَالَ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْكُمُ الْحَرَامَ وَ لَوْ أَطَعْتُمُوهُ مَا اخْتَلَفْتُمْ وَ لَا تَدَابَرْتُمْ وَ لَا تَقَاتَلْتُمْ وَ لَا بَرِئَ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَوَ اللَّهِ إِنَّكُمْ بَعْدَهُ لَنَاقِضُونَ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّكُمْ عَلَى عِتْرَتِهِ لَمُخْتَلِفُونَ وَ إِنْ سُئِلَ هَذَا عَنْ غَيْرِ مَا يَعْلَمُ أَفْتَى بِرَأْيِهِ فَقَدْ أُبْعِدْتُمْ وَ تَخَارَسْتُمْ وَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْخِلَافَ رَحْمَةٌ هَيْهَاتَ أَبَى الْكِتَابُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ[1]- وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ[2] ثُمَّ أَخْبَرَنَا بِاخْتِلَافِكُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ- وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ[3] أَيْ لِلرَّحْمَةِ وَ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَ النَّاسُ مِنْهَا بِرَاءٌ فَهَلَّا قَبِلْتُمْ مِنْ نَبِيِّكُمْ كَيْفَ وَ هُوَ خَبَّرَكُمْ بِانْتِكَاصَتِكُمْ[4] عَنْ وَصِيِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَمِينِهِ وَ وَزِيرِهِ وَ أَخِيهِ وَ وَلِيِّهِ دُونَكُمْ أَجْمَعِينَ وَ أَطْهَرِكُمْ قَلْباً- وَ أَقْدَمِكُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمِكُمْ وَعْياً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَعْطَاهُ تُرَاثَهُ وَ أَوْصَاهُ بِعِدَاتِهِ فَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَ وَضَعَ عِنْدَهُ سِرَّهُ فَهُوَ وَلِيُّهُ دُونَكُمْ أَجْمَعِينَ وَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكُمْ أَكْتَعِينَ[5] سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَ وَصِيُّ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ الْمُتَّقِينَ وَ أَطْوَعُ الْأُمَّةِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ سَلَّمْتُمْ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِ النَّبِيِّينَ وَ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَ أَدَّى النَّصِيحَةَ مَنْ وَعَظَ وَ بَصَّرَ مَنْ عَمَى فَقَدْ سَمِعْتُمْ كَمَا سَمِعْنَا وَ رَأَيْتُمْ كَمَا رَأَيْنَا وَ شَهِدْتُمْ كَمَا شَهِدْنَا فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ- وَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالُوا يَا أُبَيُّ أَصَابَكَ خَبَلٌ أَمْ بِكَ جِنَّةٌ؟ فَقَالَ بَلِ الْخَبَلُ فِيكُمْ وَ اللَّهِ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَوْماً فَأَلْفَيْتُهُ يُكَلِّمُ رَجُلًا أَسْمَعُ كَلَامَهُ وَ لَا أَرَى شَخْصَهُ فَقَالَ فِيمَا يُخَاطِبُهُ مَا أَنْصَحَهُ لَكَ وَ لِأُمَّتِكَ وَ أَعْلَمَهُ بِسُنَّتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ فَتَرَى أُمَّتِي تَنْقَادُ لَهُ مِنْ بَعْدِي قَالَ يَا مُحَمَّدُ يَتْبَعُهُ مِنْ أُمَّتِكَ أَبْرَارُهَا وَ يُخَالِفُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِكَ فُجَّارُهَا وَ كَذَلِكَ أَوْصِيَاءُ النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ كَانَ أَعْلَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ وَ أَطْوَعَهُمْ لَهُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَتَّخِذَهُ وَصِيّاً كَمَا اتَّخَذْتَ عَلِيّاً وَصِيّاً وَ كَمَا أُمِرْتَ بِذَلِكَ فَحَسَدَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ سِبْطُ مُوسَى خَاصَّةً فَلَعَنُوهُ وَ شَتَمُوهُ وَ عَنَفُوهُ وَ وَضَعُوا لَهُ فَإِنْ أَخَذَتْ أُمَّتُكَ سُنَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَذَّبُوا وَصِيَّكَ وَ جَحَدُوا إِمْرَتَهُ وَ ابْتَزُّوا خِلَافَتَهُ وَ غَالَطُوهُ فِي عِلْمِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ يُنْبِئُنِي أَنَّ أُمَّتِي تَتَخَلَّفُ عَلَى وَصِيِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص وَ إِنِّي أُوصِيكَ يَا أُبَيُّ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا لَمْ تَزَلْ بِخَيْرٍ يَا أُبَيُّ عَلَيْكَ بِعَلِيٍّ فَإِنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ النَّاصِحُ لِأُمَّتِي الْمُحْيِي لِسُنَّتِي وَ هُوَ إِمَامُكُمْ بَعْدِي فَمَنْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَقِيَنِي عَلَى مَا فَارَقْتُهُ عَلَيْهِ يَا أُبَيُّ وَ مَنْ غَيَّرَ
[1] جده: عظمته.
[2] آل عمران 105.
[3] هود 118.
[4] أي برجوعكم القهقرى.
[5] اكتعين: كلكم.