أَوْ بَدَّلَ لَقِيَنِي نَاكِثاً لِبَيْعَتِي عَاصِياً أَمْرِي جَاحِداً لِنُبُوَّتِي لَا أَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّي وَ لَا أَسْقِيهِ مِنْ حَوْضِي فَقَامَتْ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا اقْعُدْ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُبَيُّ فَقَدْ أَدَّيْتَ مَا سَمِعْتَ الَّذِي مَعَكَ وَ وَفَيْتَ بِعَهْدِكَ.
احتجاج أمير المؤمنين ع على أبي بكر لما كان يعتذر إليه من بيعة الناس له و يظهر الانبساط له
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَ بَيْعَةِ النَّاسِ لَهُ وَ فِعْلِهِمْ بِعَلِيٍّ لَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُظْهِرُ لَهُ الِانْبِسَاطَ وَ يَرَى مِنْهُ الِانْقِبَاضَ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ أَحَبَّ لِقَاءَهُ وَ اسْتِخْرَاجَ مَا عِنْدَهُ وَ الْمَعْذِرَةَ إِلَيْهِ مِمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ- وَ تَقْلِيدِهِمْ إِيَّاهُ أَمْرَ الْأُمَّةِ وَ قِلَّةِ رَغْبَتِهِ فِي ذَلِكَ وَ زُهْدِهِ فِيهِ أَتَاهُ فِي وَقْتِ غَفْلَةٍ وَ طَلَبَ مِنْهُ الْخَلْوَةَ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْ مُوَاطَاةٍ مِنِّي وَ لَا رَغْبَةٍ فِيمَا وَقَعْتُ عَلَيْهِ وَ لَا حِرْصٍ عَلَيْهِ وَ لَا ثِقَةٍ بِنَفْسِي فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ وَ لَا قُوَّةٍ لِي بِمَالٍ وَ لَا كَثْرَةٍ لِعَشِيرَةٍ وَ لَا اسْتِيثَارٍ بِهِ دُونَ غَيْرِي فَمَا لَكَ تُضْمِرُ عَلَيَّ مَا لَمْ أَسْتَحِقَّهُ مِنْكَ وَ تُظْهِرُ لِيَ الْكَرَاهَةَ لِمَا صِرْتُ فِيهِ وَ تَنْظُرُ إِلَيَّ بِعَيْنِ الشَّنَئَانِ- قَالَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَمَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ تَرْغَبْ فِيهِ وَ لَا حَرَصْتَ عَلَيْهِ وَ لَا وَثِقْتَ بِنَفْسِكَ فِي الْقِيَامِ بِهِ- قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ وَ لَمَّا رَأَيْتُ إِجْمَاعَهُمْ اتَّبَعْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ ص وَ أَحَلْتُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى خِلَافِ الْهُدَى مِنْ ضَلَالٍ فَأَعْطَيْتُهُمْ قَوَدَ الْإِجَابَةِ وَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً يَتَخَلَّفُ لَامْتَنَعْتُ فَقَال عَلِيٌّ ع أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ص إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ فَكُنْتُ مِنَ الْأُمَّةِ أَمْ لَمْ أَكُنْ؟ قَالَ بَلَى قَالَ وَ كَذَلِكَ الْعِصَابَةُ الْمُمْتَنِعَةُ عَنْكَ مِنْ سَلْمَانَ وَ عَمَّارٍ وَ أَبِي ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادِ وَ ابْنِ عُبَادَةَ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ كُلٌّ مِنَ الْأُمَّةِ- قَالَ عَلِيٌّ ع فَكَيْفَ تَحْتَجُّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ وَ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ قَدْ تَخَلَّفُوا عَنْكَ وَ لَيْسَ لِلْأُمَّةِ فِيهِمْ طَعْنٌ وَ لَا فِي صُحْبَةِ الرَّسُولِ لِصُحْبَتِهِ مِنْهُمْ تَقْصِيرٌ- قَالَ مَا عَلِمْتُ بِتَخَلُّفِهِمْ إِلَّا بَعْدَ إِبْرَامِ الْأَمْرِ وَ خِفْتُ إِنْ قَعَدْتُ عَنِ الْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ مُرْتَدِّينَ عَنِ الدِّينِ وَ كَانَ مُمَارَسَتُهُمْ إِلَيَّ إِنْ أَجَبْتُهُمْ أَهْوَنَ مَئُونَةً عَلَى الدِّينِ وَ إِبْقَاءً لَهُ مِنْ ضَرْبِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَيَرْجِعُونَ كُفَّاراً-