(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) يطعه فيما يأمره وينهاه ، فيصبر على ضيقه (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) من الشدّة إلى الرخاء ، ومن الحرام إلى الحلال ، ومن
النار إلى الجنّة (وَيَرْزُقْهُ مِنْ
حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) هذه الشرطيّة جملة معترضة مؤكّدة لما سبق ، بالوعد على
الاتّقاء عمّا نهى عنه صريحا أو ضمنا ، من الطلاق في الحيض ، والإضرار بالمعتدّة ،
وإخراجها من المسكن ، وتعدّي حدود الله ، وكتمان الشهادة ، وتوقّع جعل على إقامتها
، بأن يجعل الله له مخرجا ممّا في شأن الأزواج من المضايق والغموم ، فينفّس كربه ،
ويرزقه فرجا وخلفا من وجه لم يخطر بباله ولا يحتسبه ، إن أوفى المهر وأدّى الحقوق
والنفقات. أو بالوعد لعامّة المتّقين بالخلاص عن مضارّ الدارين ، والفوز بخيرهما
من حيث لا يحتسبون. ويجوز أن يكون هذا الكلام جيء به على سبيل الاستطراد عند ذكر
قوله : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قرأها فقال : «مخرجا من شبهات الدنيا ، ومن غمرات
الموت ، ومن شدائد يوم القيامة».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) فما زال يقرؤها ويعيدها».
وروي : أنّ
سالم بن عوف بن مالك الأشجعي أسره العدوّ ، فشكا أبوه إلى رسول الله عن أسر ابنه
وعن فاقته. فقال له : «اتّق الله واصبر ، وأكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلّا
بالله». ففعل ، فبينا هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل غفل عنها
العدوّ فاستاقها. فنزلت هذه الآية. وفي رواية : رجع ومعه غنيمات ومتاع.
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللهِ) ومن يفوّض أمره إلى الله ، ويثق بحسن تدبيره وتقديره (فَهُوَ حَسْبُهُ) كافيه. وفي الحديث : «من سرّه أن يكون أقوى الناس
فليتوكّل على الله».