وفيه دلالة على
أنّ المراد بذلك الطلاق الرجعي لا البائن ، ولهذا قال بعد ذلك : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي : شارفن آخر عدّتهنّ ، فإنّ المراد ببلوغه مقاربته
ومشارفة انقضائه ، لا انقضاؤه ، وإلّا لما كان للزوج رجوع (فَأَمْسِكُوهُنَ) فراجعوهنّ (بِمَعْرُوفٍ) بحسن عشرة وإنفاق مناسب ، من النفقة والكسوة والسكنى (أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) بإيفاء الحقّ واتّقاء الضرار ، مثل أن يراجعها ثمّ
يطلّقها فيراجعها ثمّ يطلّقها وهكذا ، تطويلا لعدّتها.
(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ) على الرجعة ، أو الفرقة. وفائدة الإشهاد أن لا يقع
بينهما التجاحد ، وأن لا يتّهم في إمساكها ، ولئلّا يموت أحدهما فيدّعي الآخر ثبوت
الزوجيّة ليرث. والأمر بالإشهاد للندب عند أبي حنيفة ، كقوله : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ)[١]. وعند الشافعي واجب في الرجعة ، مندوب في الفرقة.
والمرويّ عن أئمّتنا معناه : وأشهدوا على الطلاق صيانة لدينكم. وهذا أليق بالظاهر
، لأنّا إذا حملناه على الطلاق كان أمرا يقتضي الوجوب ، وهو من شرائط صحّة الطلاق
، بخلاف المراجعة.
(وَأَقِيمُوا
الشَّهادَةَ) أيّها الشهود عند الحاجة (لِلَّهِ) خالصا لوجهه ، بأن تقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود
عليه ، ولا لغرض آخر من الأغراض ، سوى إقامة الحقّ والقيام بالقسط ، كقوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ)[٢].
(ذلِكُمْ) يريد الحثّ على الإشهاد والإقامة ، أو على جميع ما في
الآية (يُوعَظُ بِهِ مَنْ
كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فإنّه المنتفع به ، والمقصود تذكيره ذلك اليوم.