أنّ ما كتب من أعمال الفجّار مثبت في ذلك الديوان. فعّيل من السجن ، وهو
الحبس والتضييق. نقل من هذا الوصف ولقّب به الكتاب ، لأنّه سبب الحبس في جهنّم ،
فهو من قبيل تسمية السبب باسم المسبّب. أو لأنّه مطروح تحت الأرض السابعة في مكان
وحش [١] مظلم ، وهو مسكن إبليس وذرّيّته ، استهانة به ، وليشهده الشياطين
المدحورون ، كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقرّبون. تسمية للحالّ باسم المحلّ.
وقيل : اسم
مكان على تقدير مضاف ، تقديره : ما كتاب السجّين ، أو محلّ كتاب مرقوم ، فحذف
المضاف.
وعلى التقديرين
؛ فلا منافاة بين الآية وبين ما روي عن شمر بن عطيّة أنّه جاء ابن عبّاس إلى كعب
الأحبار فقال : أخبرني عن قول الله تعالى : (إِنَّ كِتابَ
الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ). قال : إنّ روح الفاجر يصعد بها إلى السماء ، فتأبى
السماء أن تقبلها ، ثمّ يهبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلها ، فتدخل تحت
سبع أرضين ، حتّى ينتهى بها إلى سجّين ، وهو موضع جند إبليس. وما روى أبو هريرة عن
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ سجّين جبّ في جهنّم مفتوح ، والفلق جبّ في جهنّم
مغطّى».
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ) لمن كذّب بالجزاء والبعث ولم يصدّقه (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ
الدِّينِ) صفة مخصّصة ، أو موضحة ، أو ذامّة ، كقولك : فعل ذلك
فلان الفاسق الخبيث.
(وَما يُكَذِّبُ بِهِ
إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ) متجاوز عن النظر ، غال في التقليد ، حتّى استقصر قدرة
الله وعلمه ، فاستحال منه الإعادة (أَثِيمٍ) كثير الإثم ، منهمك في الشهوات الرديّة المردية ، بحيث
أشغلته عمّا وراءها ، وحملته على الإنكار.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ
آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أباطيلهم الّتي كتبوها ولا أصل لها. وذلك من فرط جهله
وإعراضه عن الحقّ ، فلا تنفعه شواهد النقل ، كما لا تنفعه