أسرع لكم. ثمّ أسر عبادي حتّى تنتهي إلى البحر ، فيأتيك أمري.
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ) حين أخبر بسراهم (فِي الْمَدائِنِ
حاشِرِينَ) العساكر ليتبعوهم. فاجتمع حين خرج من مصر في أثر بني
إسرائيل ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسوّر [١]. مع كلّ ملك ألف. وكانت مقدّمته سبعمائة ألف ، كلّ رجل
على حصان ، وعلى رأسه بيضة.
وعن ابن عبّاس
: خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث. فلذلك استقلّ قوم موسى وقال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) عددا. روي أنّهم كانوا ستّمائة وسبعين ألفا. وقلّتهم
بالإضافة إلى جنود فرعون. والشرذمة : الطائفة القليلة.
ومنها : ثوب
شراذم ، لما بلي وتقطّع قطعا. ذكرهم بالاسم الدالّ على القلّة ، ثمّ جعلهم قليلا
بالوصف ، ثمّ جمع القليل ، فجعل كلّ سبط منهم قليلا ، واختار جمع السلامة الّذي هو
للقلّة. ويجوز أن يريد بالقلّة الذلّة ، ولا يريد قلّة العدد. والمعنى : أنّهم لا
يبالى بهم ، ولا يتوقّع غلبتهم وعلوّهم.
(وَإِنَّهُمْ لَنا
لَغائِظُونَ) لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا ، لمخالفتهم إيّانا في الدين
، وخروجهم من أرضنا على كره منّا ، وذهابهم بالحليّ الّذي استعاروها ، وخلوصهم من
استعبادنا (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ
حاذِرُونَ) نحن قوم مجتمعون من عادتنا الحذر واستعمال الحزم في
الأمور ، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى حسم فساده. وهذه معاذير اعتذر بها إلى
أهل المدائن ، لئلّا يظنّ به ما يكسر من قهره وسلطانه.
وقرأ ابن عامر
والكوفيّون : حاذرون. والأوّل [٢] للثبات ، والثّاني للتجدّد.
وقيل : الحاذر
: الكامل في السلاح. وهو أيضا من الحذر ، لأنّ ذلك إنّما يفعل