responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 82

لرحمة الله. نبّه به على أنّ التقوى منتهى درجات السالكين ، وهو التبرّي عن كلّ شيء سوى الله إلى الله ، وأنّ العابد ينبغي أن لا يغترّ بعبادته ، ويكون ذا خوف ورجاء ، كما قال الله تعالى : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) [١] (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) [٢]. أو من مفعول «خلقكم» والمعطوف عليه ، على معنى : أنّه خلقكم ومن قبلكم في صورة من يرجى منه التقوى ، لترجّح أمره باجتماع أسبابه وكثرة الدواعي إليه.

وتحقيق المرام في هذا المقام : أن «لعلّ» في الآية واقعة موقع المجاز لا الحقيقة ، لأنّ الله عزوجل عالم الغيب والشهادة ، فإطلاق الرجاء عليه حقيقة غير جائز. فالمعنى المراد منه هاهنا : أنّ الله عزوجل خلق عباده لتعبّدهم بالتكليف ، وركّب فيهم العقول والشهوات ، وأزاح العلّة في إقدارهم وتمكينهم ، وهداهم النجدين ، ووضع في أيديهم زمام الاختيار ، وأراد منهم الخير والتقوى ، فهم في صورة المرجوّ منهم أن يتّقوا ليترجّح أمرهم ، وهم مختارون بين الطاعة والعصيان ، ومصداقه قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [٣] ، وإنّما يبلو ويختبر من تخفى عليه العواقب ، ولكن شبّه بالاختبار بناء أمرهم على الاختيار.

وقد جاء «لعلّ» و «عسى» الموضوعان للترجّي في مواضع كثيرة من القرآن على سبيل الإطماع ، ولكن لأنّه إطماع من كريم رحيم ، وإذا أطمع فعل ما يطمع فيه لا محالة ، لجري إطماعه مجرى وعده المحتوم وفاؤه به. وأيضا لمّا كان من ديدن الملوك وما عليه أوضاع أمرهم ورسومهم أن يقتصروا في مواعيدهم الّتي يوطّنون أنفسهم على إنجازها على أن يقولوا : عسى ولعلّ ، ونحوهما من الكلمات ، أو يخيلوا إخالة ، أو يظفر منهم بالرمزة أو الابتسامة أو النظرة الحلوة ، فصدور ذلك من


[١] السجدة : ١٦.

[٢] الإسراء : ٥٧.

[٣] الملك : ٢.

نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست