responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 67

ولم يقل : الله مستهزئ بهم ، ليطابق قولهم ، إيماء بأن الاستهزاء يحدث حالا فحالا ، ويتجدّد حينا بعد حين ، وهكذا كانت نكايات الله فيهم ، كما قال : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) [١] ، وما كانوا في أكثر أوقاتهم من تهتّك أستار وتكشّف أسرار.

(وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) من : مدّ الجيش وأمدّه ، إذا زاده وألحق به ما يقوّيه ويكثره. وكذلك مدّ الدّواة وأمدّها : زادها ما يصلحها. ومنه : مددت السراج والأرض ، إذا استصلحتهما بالزيت والسماد. ومدّه الشيطان في الغيّ وأمدّه : إذا وصله بالوساوس حتى يتلاحق غيّه ويزداد انهماكا فيه ، لا من المدّ في العمر ، فإنّه يعدّى باللام كـ : أملى له. ويدلّ عليه قراءة ابن كثير : ويمدّهم.

والمعنى : أنّه يمنعهم ألطافه الّتي يمنحها المؤمنين ، ويخذلهم بسبب كفرهم وإصرارهم ، فتبقى قلوبهم متزايدة الرّين والظلمة كتزايد الانشراح والنور في قلوب المؤمنين. أو مكّن الشيطان من إغوائهم ، ولم يمنعه منهم قسرا وإلجاء ، فزادهم طغيانا ، فأسند ذلك الزائد إلى الله سبحانه ، لأنّه مسبّب عن فعله بهم من منع الألطاف بسبب إصرار كفرهم ، إسناد الفعل إلى المسبّب.

والطغيان : الغلوّ في الكفر ، ومجاوزة الحدّ في العتوّ. وأصله تجاوز الشيء عن مكانه. قال الله تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ) [٢].

وأضاف الطغيان إليهم لئلّا يتوهّم أنّ إسناد الفعل إليه سبحانه على الحقيقة ، بل يدلّ على أنّ الطغيان والتمادي في الضلال ممّا اقترفته نفوسهم واجترحته أيديهم ، وأنّ الله بريء منه ، ردّا لاعتقاد الكفرة القائلين : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا) [٣] ،


[١] التوبة : ١٢٦.

[٢] الحاقّة : ١١.

[٣] الأنعام : ١٤٨.

نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست