ولمّا ذكر دعوة
المؤمنين أخبر بإجابتها فقال : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ) مطلوبهم. وهو أخصّ من : أجاب. ويعدّى بنفسه وباللام.
يقال : استجاب له واستجابه (أَنِّي لا أُضِيعُ
عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) أي : بأنّي لا أضيع (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثى) بيان عامل (بَعْضُكُمْ مِنْ
بَعْضٍ) لأنّ الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر ، أو لأنّهما من
أصل واحد ، أو لفرط الاتّصال والاتّحاد ، أو للاجتماع والاتّفاق في الدين. وهي
جملة معترضة بيّن بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد للعمّال. روي أنّ أمّ سلمة
قالت : يا رسول الله إنّي اسمع أنّ الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء!
فنزلت هذه الآية.
وقوله : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا) تفصيل لأعمال العمّال وما أعدّ لهم من الثواب على سبيل
المدح والتعظيم. والمعنى : فالّذين هاجروا الشرك أو الأوطان والعشائر للدين (وَأُخْرِجُوا) وأخرجهم الكفّار (مِنْ دِيارِهِمْ) الّتي ولدوا فيها ونشأوا (وَأُوذُوا فِي
سَبِيلِي) يريد سبيل الدين. يعني : بسبب إيمانهم ومن أجله (وَقاتَلُوا) الكفّار (وَقُتِلُوا) في الجهاد.