فقام إلى قربة
من ماء في البيت ، فتوضّأ ولم يكثر صبّ الماء ، ثم قام يصلّي ، فقرأ من القرآن ،
وجعل يبكي حتى بلغ الدموع جفونه ، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه ، وجعل يبكي ، ثم
رفع يديه فجعل يبكي ، حتى رأيت دموعه قد بلّت الأرض. فأتاه بلال يؤذنه بصلاة
الغداة ، فرآه يبكي ، فقال : يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله ما تقدّم من ذنبك
وما تأخّر؟
فقال : يا بلال
أفلا أكون عبدا شكورا؟ ثم قال : ومالي لا أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة :
(إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). ثم قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها.
وقد اشتهرت
الرواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لمّا نزلت هذه الآيات قال : «ويل لمن لاكها بين
فكّيه ولم يتأمّل ما فيها». وفي رواية : ولم يتأمّلها.
وورد عن
الأئمّة من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم الأمر بقراءة هذه الآيات الخمس وقت
القيام بالليل للصلاة ، وفي الضجعة بعد ركعتي الفجر.
وروي محمد بن
عليّ بن محبوب ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن وهب
، قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام ـ وذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : كان يؤتى بطهور فيخمّر عند رأسه ، ويوضع سواكه
تحت فراشه ، ثم ينام ما شاء الله ، فإذا استيقظ جلس ثمّ قلّب بصره إلى السماء وتلا
الآيات من آل عمران : (إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآيات ، ثم يستاك ويتطهّر ، ثم يقوم إلى المسجد فيركع
أربع ركعات على قدر قراءته ، ركوعه وسجوده على قدر ركوعه ، فيركع حتى يقال : متى
يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال : متى يرفع رأسه؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله
، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السماء ، ثم يستاك
ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلّي الركعتين ، ثم يخرج إلى الصلاة».