أو تعبّدا واستكانة. ويجوز أن يتعلّق بمحذوف ، تقديره : ما وعدتنا منزلا
على رسلك ، أو محمولا عليهم. وقيل : معناه : على ألسنة رسلك.
(وَلا تُخْزِنا يَوْمَ
الْقِيامَةِ) بأن تعصمنا ـ بتوفيقك إيّانا ـ عمّا يقتضي الخزي (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) بإثابة المؤمن ، وإجابة الداعي.
عن ابن عبّاس :
الميعاد البعث بعد الموت.
وهذا القول
منهم على وجه الانقطاع إلى الله ، والتضرّع إليه والتعبّد ، كما قال : (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ)[١]. وهو من باب اللجأ إلى الله والخضوع. وكما كان الأنبياء
عليهمالسلام يستغفرون مع علمهم أنّهم معصومون ، يقصدون بذلك التذلّل
لربّهم ، والتضرّع واللجأ الّذي هو سيماء العبوديّة.
وتكرير «ربّنا»
للمبالغة في الابتهال ، والدلالة على استقلال المطالب وعلوّ شأنها.
روي عن أبي
جعفر عليهالسلام أنّه قال : «من حزنه أمر فقال خمس مرّات : ربّنا ،
أنجاه الله ممّا يخاف ، وأعطاه ما أراد ، وقرأ هذه الآيات».
روي الثعلبي في
تفسيره بإسناده عن محمد بن الحنفيّة ، عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا قام من الليل يتسوّك ثم ينظر إلى السماء ثم
يقول : (إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ) إلى قوله : (عَذابَ النَّارِ).
وعن ابن عمر :
قلت لعائشة : أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فبكت وأطالت ،
ثم قالت : كلّ أمره عجب ، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى ألصق جلده بجلدي ، ثم
قال : يا عائشة هل لك أن تأذنين لي الليلة في عبادة ربّي؟
فقلت : يا رسول
الله إنّي لأحبّ قربك وأحبّ هواك ، قد أذنت لك.