(رَبَّنا إِنَّنا
سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) أوقع الفعل على المسمع وحذف المسموع لدلالة وصف المسمع
على المسموع. وفيه مبالغة ليست في إيقاعه على نفس المسموع ، لتكرير الإسناد.
وفي تنكير
المنادي وإطلاقه ثم تقييده تعظيم لشأنه ، كما إذا قلت : سمعنا هاديا يهدي إلى
الإيمان ، فقد رفعت من شأن الهادي وفخّمته. والمراد به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : القرآن.
والنداء
والدعاء يعدّى بـ «إلى» واللام ، لتضمّنهما معنى الانتهاء والاختصاص ، أي : داعيا
يدعو إلى الايمان. يقال : ناداه لكذا وإلى كذا ، ودعا له وإليه ، ونحوه : وهداه
للطريق أو إليه.
(أَنْ آمِنُوا
بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) بأن آمنوا ، فامتثلنا (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا
ذُنُوبَنا) كبائرنا ، فإنّها ذات تبعة (وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) صغائرنا ، فإنّها مستقبحة ، ولكن مكفّرة عن مجتنب
الكبائر. أو اغفر لنا ذنوبنا ابتداء ، وكفّر عنّا سيّئاتنا إن تبنا ، كما قال صاحب
الجامع : «جمع بين سؤال المغفرة والتكفير ، لأنّ تكفير السيّئات يكون بالتوبة
والمغفرة ، وقد يكون ابتداء من غير توبة» [١].
(وَتَوَفَّنا) واقبضنا إلى رحمتك (مَعَ الْأَبْرارِ) في موضع الحال ، أي : مخصوصين بصحبتهم ، معدودين في
زمرتهم.
وفيه تنبيه على
أنّهم يحبّون لقاء الله ، ومن أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه.
والأبرار جمع
برّ أو بارّ ، كأرباب وأصحاب.
(رَبَّنا وَآتِنا ما
وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) أي : ما وعدتنا على تصديق رسلك من الثواب. لمّا أظهروا
امتثالهم لما أمروا به سألوا ما وعد عليه ، لا خوفا من إخلاف الوعد ، بل مخافة أن
لا يكونوا من الموعودين ، لسوء عاقبة ، أو قصور في الامتثال ،