ولعلّ الاقتصار
على هذه الثلاثة في الآية لأنّ مناط الاستدلال هو التغيّر ، وهذه متعرّضة لجملة
أنواعه ، فإنّه إمّا أن يكون في ذات الشيء كتغيّر الليل والنهار ، أو جزئه كتغيّر
العناصر بتبدّل صورها ، أو الخارج عنه كتغيّر الأفلاك بتبدّل أوضاعها.
ثم وصف الله
سبحانه ذوي الألباب بقوله : (الَّذِينَ) أي : هؤلاء الّذين يستدلّون على توحيد الله وعلمه
وقدرته بالذات بخلقه السماوات والأرض هم الّذين (يَذْكُرُونَ اللهَ
قِياماً) قائمين (وَقُعُوداً) وقاعدين (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) ومضطجعين ، أي : يذكرونه دائما على الحالات كلّها ،
فإنّ أحوال المكلّفين لا تخلوا من هذه الثلاثة. وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة فليكثر ذكر الله».
وحكي أنّ الرجل
من بني إسرائيل كان إذا عبد الله ثلاثين سنة أظلّته سحابة ، فعبدها فتى من فتيانهم
فلم تظلّه. فقالت له أمّه : لعلّ فرطة فرطت منك في مدّتك.