يحمده الناس عليها ، ويثنوا عليه بما ليس فيه من الزهد والعبادة وغير ذلك.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو يملك أمرهم ، ولا يكون لهم خلاص من عذابه (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على عقابهم. وقيل : هو ردّ لقولهم : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ)[١].
ولمّا بيّن
سبحانه أنّ له ملك السموات والأرض عقّبه ببيان الدلالة على ذلك ، فقال : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : في إيجادهما بما فيهما من العجائب والبدائع (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي : تعاقبهما ومجيء كلّ منهما خلف الآخر (لَآياتٍ) لدلائل واضحة على وجود الصانع ووحدته ، وكمال علمه ،
وعظم قدرته ، وباهر حكمته (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لذوي العقول الخالصة عن شوائب الحسّ وكدورات الوهم ،
كما سبق في سورة البقرة [٢] ، فإنّ أرباب الألباب إذا نظروا إليها نظر الاستدلال
يجدونها مضمّنة بأعراض حادثة لا تنفكّ عنها ، وما لا ينفكّ عن الحادث حادث ، وإذا
كانت حادثة فلا بدّ لها من محدث موجد ، لأنّ حدوثها يدلّ على أن لها محدثا قادرا.
ودلّ ما فيها من البدائع والأمور الجارية على غاية الانتظام على كون محدثها عالما
قديما ، لأنّه لو كان محدثا لكان محتاجا إلى محدث ، فيؤدّي إلى التسلسل.