ولمّا أمر الله
سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتوكّل ، بيّن معنى وجوب التوكّل عليه ، فقال : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ) كما نصركم يوم بدر (فَلا غالِبَ لَكُمْ) فلا أحد يغلبكم (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ويمنعكم معونته ، ويخلّ بينكم وبين أعدائكم بمعصيتكم
إيّاه ، كما خذلكم يوم احد (فَمَنْ ذَا الَّذِي
يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) من بعد خذلانه ، أو من بعد الله. بمعنى : إذا جاوزتموه فلا
ناصر لكم ، من قولك : ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان ، تريد : إذا جاوزته. وهذا
تنبيه على المقتضي للتوكّل ، وتحريض على ما يستحقّ به النصر من الله ، وتحذير عمّا
يستجلب خذلانه.
(وَعَلَى اللهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فليخصّوه بالتوكّل عليه ، لما علموا أن لا ناصر سواه
وآمنوا به. وهذا تنبيه على وجوب التوكّل على الله سبحانه.
روي أن قطيفة
حمراء فقدت يوم بدر ، فقال بعض المنافقين : لعلّ رسول الله أخذها ، فنزلت : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) وما صحّ أن يخون في الغنائم ، فإنّ النبوّة تنافي
الخيانة. يقال : غلّ شيئا من المغنم يغلّ غلولا ، وأغلّ إغلالا ، إذا أخذه في
خفية. ويقال : أغلّ إذا وجده غالّا ، كقولك : أبخلته إذا وجدته بخيلا. والمراد
براءة الرسول عمّا اتّهم به.
وقيل : نزلت في
غنائم أحد حين ترك الرماة المركز وطلبوا الغنيمة وقالوا :