سبحانه ، حيث جعله ليّن العطف حسن الخلق ، فقال : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) أي : فبرحمة. و «ما» زائدة للتأكيد ، ونحوه (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ)[١]. والمعنى : أنّ لينه لكم ما كان إلّا برحمة من الله ،
وهو ربطه على جأشه [٢] ، وتوفيقه للرفق بهم ، حتّى اغتمّ لهم بعد أن خالفوه.
(فَاعْفُ عَنْهُمْ) ما بينك وبينهم (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ما بينهم وبيني ، إتماما للشفقة عليهم (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) أمر الحرب ، إذ الكلام فيه ، أو فيما يصحّ أن يشاور فيه
ممّا لم ينزل عليك فيه وحي ، تطييبا لنفوسهم ، واستظهارا برأيهم ، وتمهيدا لسنّة
المشاورة للأمّة.
وقال الحسن :
قد علم الله أنّه ما به إليهم حاجة ، ولكنّه أراد أن يستنّ به من بعده ، وقد علم
الله أنّه لم يكن يحتاج إليهم.
وفي الحديث : «ما
تشاور قوم قطّ إلّا هدوا إلى أرشد أمرهم».
وعن أبي هريرة
: «ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وقيل : كان
سادات العرب إذا لم يشاوروا في أمر شقّ عليهم ، فأمر الله رسوله مشاورة أصحابه
لئلّا يثقل عليهم استبداده بالرأي دونهم.
(فَإِذا عَزَمْتَ) فإذا وطّنت نفسك على شيء ، وقطعت الرأي عليه بعد الشورى
(فَتَوَكَّلْ عَلَى
اللهِ) فاعتمد عليه في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك ، فإنّه
لا يعلمه سواه (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ) فينصرهم ويهديهم إلى الصلاح.