نخشى أن يقول رسول الله : من أخذ شيئا فهو له ، وأن لا يقسّم الغنائم كما
لم يقسّم يوم بدر. فقال لهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألم أعهد إليكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري؟
فقالوا : تركنا بقيّة إخواننا وقوفا. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : بل ظننتم أنّا نغلّ ولا نقسّم لكم.
وقيل : هذا
مبالغة في النهي للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، على ما روي أنّه بعث طلائع فغنمت غنائم ، فقسّمها على
من معه ، ولم يقسّم للطلائع ، فنزلت.
فيكون تسمية
حرمان بعض المستحقّين غلولا تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر.
وقرأ نافع وابن
عامر وحمزة والكسائي ويعقوب : أن يغلّ على البناء للمفعول ، من : غلّ ، أو من :
أغلّ ، بالمعنى الأوّل أو الثاني. والمعنى : وما صحّ له أن ينسب إلى الغلول ، أو
يوجد غالّا.
(وَمَنْ يَغْلُلْ
يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يأت بالّذي غلّه بعينه يحمله على عنقه ، كما جاء في
الحديث : من بعثناه على عمل فغلّ شيئا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه.
وروي عن ابن
عبّاس في خبر طويل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ألا لا يغلّنّ أحد بعيرا ، فيأتي به على
ظهره يوم القيامة له رغاء [١]. ألا لا يغلّنّ أحد فرسا ، فيأتي به على ظهره له حمحمة
، فيقول : يا محمّد يا محمّد. فأقول : قد بلّغت قد بلّغت قد بلّغت ، لا أملك لك من
الله شيئا».
وقال الجبائي :
ذلك ليفضح به على رؤوس الأشهاد. وقال البلخي : ويجوز أن يراد : يأت بما احتمل من
وباله وإثمه.
(ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ
نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي : يعدل بينهم في الجزاء ، فكلّ جزاؤه على قدر كسبه.
جيء بالعامّ ليدخل تحته كلّ كاسب من غلّ وغيره ، ويكون كالبرهان