(بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) ناصركم وأولى بنصرتكم (وَهُوَ خَيْرُ
النَّاصِرِينَ) لأنّ منصوره لا يصير مغلوبا أبدا ، بخلاف منصور الغير ،
فاستغنوا به عن ولاية غيره ونصره.
روي أنّه لمّا
ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجّهين إلى مكّة قالوا : بئس ما صنعنا ،
قتلناهم حتّى إذا لم يبق منهم إلّا الشريد تركناهم ، ارجعوا فاستأصلوهم. فلمّا
عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عمّا همّوا به ، فقبل وقوع هذه
القضيّة نزلت : (سَنُلْقِي) سنقذف (فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ) وضع الظاهر موضع المضمر للتغليظ والتعليل. وقيل :
المراد ما قذف في قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب ، ونادى
أبو سفيان : يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن شاء الله.
وقرأ ابن عامر
والكسائي ويعقوب بضمّ العين في كلّ القرآن.
(بِما أَشْرَكُوا
بِاللهِ) بسبب إشراكهم به (ما لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ سُلْطاناً) أي : آلهة لم ينزل الله على إشراكها حجّة قويّة. وأصل
السلطنة القوّة ، ومنه : السليط لقوّة اشتعاله ، والسلاطة : لحدّة اللسان.
وملخّص المعنى
: كان السبب في إلقاء الرعب في قلوبهم إشراكهم بالله آلهة ليس على إشراكها حجّة.
وما عنى الله سبحانه أنّ هناك حجّة لم تنزل عليهم ، وإنّما أراد نفي الحجّة
ونزولها جميعا ، وهو كقوله : ولا ترى الضبّ بها ينجحر [١].
(وَمَأْواهُمُ النَّارُ
وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) أي : مثواهم. والمخصوص محذوف ، أي : بئس مثوى الظالمين
هي.
روي : «أنّ
الكفّار دخلوا مكّة منهزمين مخافة أن يكون لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
[١] في هامش النسخة
الخطّية : «أولها : لا تفزع الأرنب أهوالها ، أي : ليس بها أهوال فيفزع الأرنب. أو
ليس بها إرنب فتفزعه الأهوال ، يصف مفازة خالية عن الحيوان. منه».