لهم يوم أحد مع اشتراط الصبر والتقوى عن المخالفة ، فلمّا لم يصبروا عن
الغنائم ولم يتّقوا حيث خالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. لم تنزل الملائكة.
وقوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ
رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) إنكار أن لا يكفيهم ذلك. وإنّما جيء بـ «لن» إشعارا
بأنّهم كانوا كالآيسين من النصر ، لضعفهم وقلّتهم ، وقوّة العدوّ وكثرتهم. وقيل :
أمدّهم الله تعالى يوم بدر أوّلا بنزول ألف من الملائكة ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ،
ثم صاروا خمسة آلاف. وقرأ ابن عامر : منزّلين بالتشديد ، للتكثير أو للتدريج. وعن
ابن عبّاس : أنّ الملائكة لم يقاتلوا إلّا يوم بدر ، وكانوا في غيره من الأيّام
عدّة ومددا.
(بَلى) إيجاب لما بعد «لن» أي : بلى يكفيكم الإمداد.
ثم وعد لهم
الزيادة على الصبر والتقوى ، حثّا عليهما وتقوية لقلوبهم ، فقال : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ) أي : المشركون (مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) من ساعتهم هذه. وهو في الأصل مصدر : فارت القدر إذا غلت
، فاستعير للسرعة ، ثم للحال الّتي لا مكث فيها ولا تراخي. والمعنى : إن يأتوكم في
الحال (يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) في حال إتيان الكفّار بلا تراخ وتأخير (مُسَوِّمِينَ) معلمين ، من التسويم الّذي هو إظهار سيما الشيء ، لقوله
عليهالسلام : «تسوّموا ، فإنّ الملائكة قد تسوّمت».
عن ابن عبّاس
والحسن وقتادة : أنّ الملائكة أعلموا بالصوف في نواصي الخيل وأذنابها. وقال عروة :
نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق [١] ، وعليهم عمائم صفر. وقال عليّ عليهالسلام : «كانت عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكتافهم».
وقال السدّي :
معنى مسوّمين ـ بالفتح ـ : مرسلين ، من الناقة السائمة ، أي : المرسلة في المرعى.
[١] بلق وأبلق بلقا
: كان في لونه سواد وبياض ، فهو أبلق ، وجمعه بلق.