ولمّا تقدّم
وصف المؤمنين عقّبه سبحانه ببيان حال الكافرين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله ورسوله (لَنْ تُغْنِيَ
عَنْهُمْ) لن تدفع عنهم (أَمْوالُهُمْ وَلا
أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) من العذاب أو من الفناء ، فيكون مصدرا. وإنّما خصّ
الأموال والأولاد بالذكر لأنّ هذين معتمد الخلق وأعزّ الأشياء عليهم ، فإذا لم
يغنيا عن الإنسان شيئا فغيرهما غناؤه أبعد. (وَأُولئِكَ أَصْحابُ
النَّارِ) ملازموها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي : دائمون.
ثم ضرب لهم
مثلا لإنفاقهم فقال : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) شبّه ما يخرجون من أموالهم لا يبتغون بها وجه الله ، بل
مفاخرة وسمعة. وقيل : ما ينفقون على الكفّار في عداوة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أنفقه أبو سفيان وأصحابه ببدر وأحد لمّا تظاهروا
على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو ما أنفق سفلة اليهود على علمائهم ، أي : ما أنفقوا
جميع صدقاتهم ونفقاتهم ، أو ما ينفق المنافقون رياء وخوفا.
(فِي هذِهِ الْحَياةِ
الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ) برد شديد. والشائع إطلاقه للريح الباردة كالصرصر. وهو
في الأصل مصدر نعت به ، أو نعت وصف به للمبالغة ، كقولك : برد بارد. (أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالكفر والمعاصي (فَأَهْلَكَتْهُ) عقوبة لهم ، لأنّ الإهلاك عن سخط أشدّ وأبلغ.
والمراد تشبيه
ما أنفقوا في ضياعه بحرث كفّار ضربته صرّ فاستأصلته ، ولم