(يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) بتوحيده وصفاته اللائقة به (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) المتأخّر عن الدنيا ، يعني : البعث ليوم القيامة (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بالإقرار بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبجميع ما جاء به من المأمورات (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عن إنكار نبوّته وبما جاء به من المنهيّات (وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) يبادرون إلى فعل الطاعات خوف الفوات بالموت.
وهذه صفات أخر
لـ «أمّة» ، وصفهم بخصائص ما كانت في اليهود ، فإنّهم منحرفون عن الحقّ ، غير
متعبّدين في الليل ، مشركون بالله ، ملحدون في صفاته ، واصفون اليوم الآخر بخلاف
صفته ، مداهنون في الاحتساب ، متباطئون في الخيرات.
(وَأُولئِكَ) أي : الموصوفون بتلك الصفات (مِنَ الصَّالِحِينَ) ممّن صلحت أحوالهم عند الله تعالى ، واستحقّوا رضاه
وثناءه. ولا يحتاج إلى ذكر مقابليهم من أمّة غير قائمة ، لأنّه قد تقدّم [١] صفتهم في قوله
: (يَكْفُرُونَ بِآياتِ
اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ ...) إلخ».
(وَما يَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) فلن يضيع ولا ينقص ثوابه البتّة. سمّى ذلك كفرانا كما
سمّى توفية الثواب شكرا ، وعدّاه إلى مفعولين ، لتضمّنه معنى الحرمان ، كأنّه قال
: فلن تحرموه ، أي : لن تحرموا جزاءه. وقرأ أهل الكوفة إلّا أبا بكر بالياء فيهما
، والباقون بالتاء ، إلّا أبا عمرو ، فإنّه كان يخيّر.
(وَاللهُ عَلِيمٌ
بِالْمُتَّقِينَ) بشارة لهم ، وإشعار بأنّ التقوى مبدأ الخير وحسن العمل
، وأنّ الفائز عند الله هو أهل التقوى. والآية تدلّ على أنّ شيئا من أعمال الخير
والطاعة لا تبطل البتّة ، خلافا لقول من قال بالإحباط.