بمحمد إلّا شرارنا ، فنزلت ردّا عليهم : (لَيْسُوا سَواءً) أي : مستوين. والضمير لمسلمي اليهود والأحبار. وقيل :
إنّها نزلت في أربعين من أهل نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم
، كانوا على عهد عيسى ، وصدّقوا محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم. والمعنى : ليس الّذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله
بن سلام والنجاشي وأصحابهما ، والّذين لم يؤمنوا ، سواء في الدرجة والمنزلة.
وقوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) كلام مستأنف لبيان قوله : (لَيْسُوا سَواءً) ، كما أنّ قوله [١] : (تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) بيان لقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ). والقائمة : المستقيمة العادلة ، من : أقمت العود فقام.
وهم الّذين أسلموا من أهل الكتاب.
(يَتْلُونَ آياتِ اللهِ) أي : القرآن (آناءَ اللَّيْلِ) أي : في تهجّدهم (وَهُمْ يَسْجُدُونَ) عبّر عن التهجّد وصلاتهم باللّيل بتلاوة آيات الله في
ساعات الليل مع السجود ليكون أبين وأبلغ في المدح. وهذا يدلّ على عظم موقع صلاة
الليل من الله سبحانه ، وقد صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل الأخير
خير له من الدنيا وما فيها ، ولولا أن أشقّ على أمّتي لفرضتهما عليهم».
وقال أبو عبد
الله عليهالسلام : «إنّ البيوت الّتي يصلّى فيها بالليل بتلاوة القرآن
تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض. وقال : عليكم بصلاة الليل ،
فإنّها سنّة نبيّكم ، ودأب الصالحين قبلكم ، ومطردة الداء عن أجسادكم».
وقيل : المراد
صلاة العشاء ، لأنّ أهل الكتاب لا يصلّونها ، لما روي أنّه عليهالسلام أخّرها ثم خرج فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : «أما
إنّه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم».