عن المعاصي. كلام مستأنف بيّن به كونهم خير أمّة ، كما يقال : زيد كريم
يطعم الناس ويكسوهم ويحسن إليهم.
وقوله : (وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) يتضمّن الإيمان بكلّ ما يجب أن يؤمن به ، لأنّ الإيمان
بالله إنّما يثبت ويعتدّ به إذا حصل الإيمان بكلّ ما أمر أن يؤمن به. وإنّما أخّره
وحقّه أن يقدّم لأنّه قصد بذكره الدلالة على أنّهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر
، إيمانا بالله وتصديقا به ، وإظهارا لدينه.
واستدلّ بهذه
الآية على أنّ الإجماع حجّة ، لأنّها تقتضي كونهم آمرين بكلّ معروف وناهين عن كلّ
منكر ، إذ اللام فيهما للاستغراق ، فلو أجمعوا على باطل كان أمرهم على خلاف ذلك.
وعندنا أنّ اجماع الأمّة إنّما يكون حجّة لوجود المعصوم فيهم ، وفي الحقيقة إنّما
تكون الحجّة في قوله. وتبيين ذلك مذكور في كتب الأصول.
(وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
الْكِتابِ) إيمانا كما ينبغي ، وهو الإيمان بالنبيّ وبجميع ما جاء
به ، كما أنهم يؤمنون بالله حقّ الإيمان به (لَكانَ) ذلك الإيمان (خَيْراً لَهُمْ) في الدنيا والآخرة ممّا هم عليه من الرئاسة وحظوظ
الدنيا ، لأنّهم ينجون به في الدنيا من القتل ، وفي الآخرة من العذاب ، ويفوزون
بالجنّة.
(مِنْهُمُ
الْمُؤْمِنُونَ) أي : المعترفون بما دلّت عليه كتبهم من صفة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم والبشارة به ، المقرّون به ، كعبد الله بن سلام وأصحابه
من اليهود ، والنجاشي وأصحابه من النصارى (وَأَكْثَرُهُمُ
الْفاسِقُونَ) أي : الخارجون عن طاعة الله ورسوله ، المتمرّدون في
الكفر. وهذه [١] الجملة والّتي [٢] بعدها واردتان على سبيل الاستطراد.
[١] في هامش النسخة
الخطّية : «يعني : منهم المؤمنون. منه».
[٢] في هامش النسخة
الخطّية : «يعني : لن يضرّوكم. منه».