بالحقّ والعدل لا شبهة فيها (وَمَا اللهُ يُرِيدُ
ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) أي : ما يريد شيئا من الظلم لأحد من خلقه ، إذ يستحيل
الظلم منه ، لأنّ فاعل الظلم إمّا لجهله بقبح الظلم أو لحاجته إليه من دفع ضرر أو
جرّ نفع ، وهو العالم بالذات بجميع المعلومات ، والغنيّ المطلق ، فلا يأخذ أحدا
بغير جرم ، ولا يزيد في عقاب مجرم ، ولا ينقص من ثواب محسن.
ثمّ بيّن وجه
استغنائه عن الظلم بقوله : (وَلِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وملكا وخلقا (وَإِلَى اللهِ
تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي : أمور العباد ، فيجازي كلّا بما وعد له وأوعد. ووضع
هذا في موضع «ترجعون» ليكون أفحم في الذكر.
ولمّا تقدّم
ذكر الأمر والنهي عقّبه سبحانه بذكر من تصدّى للقيام بذلك ، ومدحهم ترغيبا في
الاقتداء بهم ، فقال : (كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ) أي : وجدتم خير أمّة ، لأن «كان» عبارة عن وجود الشيء
في زمان مّا ، ولم يدلّ على طروء انقطاع الخيريّة ، كقوله : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)[١]. وقيل : كنتم في علم الله أو في اللوح خير أمّة ، أو
كنتم في الأمم المتقدّمين مذكورين بأنّكم خير أمّة موصوفين به. (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) أظهرت لهم.
وقوله : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) أي : بالطاعات (وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ) أي :