روي أنّ رؤوس
اليهود ـ مثل كعب وأبي رافع وأبي ياسر وكنانة وابن صوريا ـ عمدوا إلى مؤمنيهم ـ كعبد
الله بن سلام وأصحابه ـ فعيّروهم على إسلامهم ، فنزلت : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً) ضررا يسيرا مقصورا بقول من طعن في الدين أو الوعيد (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ) وإن يجاوزوا عن الإيذاء باللسان إلى القتال والمحاربة (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) ينهزموا ، ولا يضرّوكم بقتل وأسر (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) ثم لا يكون أحد ينصرهم عليكم ، أو يدفع بأسكم عنهم.
فنفي إضرارهم سوى ما يكون بقول ، وقرّر ذلك بأنّهم لو قاموا إلى القتال كانت
الدبرة عليهم ، ثم أخبر بأنّ عاقبتهم العجز والخذلان.
وهذه الآية من
المغيّبات الّتي وافقها الواقع ، إذ كان كذلك حال قريظة والنظير وبني قينقاع ويهود
خيبر.
وإنّما لم يجزم
قوله : «لا ينصرون» لأنّه عدل به عن حكم الجزاء إلى حكم الإخبار ابتداء ، فكأنّه
قيل : ثم أخبركم أنّهم لا ينصرون. وهذا تثبيت لمن أسلّم من اليهود ، ووعد لهم
بأنّهم منصورون ، فإنّهم كانوا يؤذونهم بالتوبيخ والتهديد.
ثم أخبر عن
ذلّتهم وصغارهم بقوله : (ضُرِبَتْ) أثبتت (عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) هدر النفس والمال والأهل ، أو ذلّ التمسّك بالباطل
والجزية. وجعلت هذه الأمور محيطة بهم ، كما يضرب ويجعل البيت والخيام والقباب على
أهله ، وتحاط عليهم (أَيْنَ ما