روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «والّذي نفسي بيده ليردنّ عليّ الحوض ممّن
صحبني أقوام حتى إذا رأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : أصحابي أصحابي ، فيقال لي :
إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أعقابهم القهقرى». ذكره الثعلبي
في تفسيره.
وقال أبو أمامة
الباهلي : هم الخوارج. ولمّا رآهم على درج دمشق دمعت عيناه ثم قال : كلاب النار
هؤلاء شرّ قتلى تحت أديم السماء ، وخير قتلى تحت أديم السماء الّذين قتلهم هؤلاء.
فقال له أبو غالب : أشيء تقوله برأيك أم شيء سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : بل سمعته من رسول الله غير مرّة. قال : فما شأنك
دمعت عيناك؟ قال : رحمة لهم ، كانوا من أهل الإسلام فكفروا. ثم قرأ هذه الآية ، ثم
أخذ بيده فقال : إن بأرضك منهم كثيرا ، فأعاذك الله منهم.
وروي عن النبيّ
صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».
وعلى كلّ
التقادير يقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم (فَذُوقُوا الْعَذابَ) أمر إهانة (بِما كُنْتُمْ
تَكْفُرُونَ) بسبب كفركم ، أو جزاء لكفركم.
(وَأَمَّا الَّذِينَ
ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) يعني : الجنّة والثواب المخلّد. سمّى الله سبحانه
الثواب رحمة ، وهو نعمة يستحقّ بها الشكر ، وكلّ نعمة تفضّل ، لأنّ سبب الثواب
الّذي هو التكليف تفضّل ، ليكون الثواب على هذا الوجه تفضّلا. وكان حقّ الترتيب أن
يقدّم ذكر المؤمنين ، ولكن قصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه حلية المؤمنين وثوابهم.
وقوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) استئناف للتأكيد ، كأنّه قيل : كيف يكونون فيها؟
فقيل : هم فيها
خالدون ، ولا يظعنون [١] عنها ولا يموتون.