وقوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) منصوب بما في «لهم» من معنى الفعل ، أو بإضمار «اذكر».
وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف فيه.
وقيل : إنّه
يوسم أهل الحقّ ببياض الوجه والصحيفة ، وإشراق البشرة ، وسعي النور بين يديه
وبيمينه. وأهل الباطل بسواد اللون ، وكسف وجهه ، واسوداد صحيفته ، وإحاطة الظلمة
به من كلّ جانب. نعوذ بالله.
وإنّما تبيضّ
فيه وجوه المؤمنين ثوابا لهم على الإيمان والطاعة ، وتسودّ وجوه الكافرين عقوبة
لهم على الكفر والسيّئات ، بدلالة ما بعده ، وهو قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ
بَعْدَ إِيمانِكُمْ) على إرادة القول ، أي : فيقال لهم : أكفرتم. والهمزة
للتوبيخ والتعجيب من حالهم. وهم أهل الكتاب كفروا برسول الله بعد إيمانهم به قبل
مبعثه ، أو جميع الكفّار كفروا بعد ما أقرّوا به حين أشهدهم على أنفسهم ، إذ قيل
لهم : ألست بربّكم؟ قالوا : بلى ، أو بعد ما تمكّنوا من الإيمان بالنظر في الدلائل
والآيات. وقيل : هم المرتدّون.
وعن عليّ عليهالسلام وقتادة : هم أهل البدع والأهواء والآراء الباطلة من هذه
الأمّة.