الأعصار ولا تعلوه ، وأنّ السباع الضارية تخالط الصيود في الحرم ولا تتعرّض
لها ، وبانمحاق [١] الجمار على كثرة الرماة ، فلو لا أنها ترفع لكان يجتمع
هناك من الحجارة مثل الجبال ، وباستئناس الطيور فيه بالناس ، وبالاستشفاء بالبيت ،
وأنّه إذا كان الغيث من ناحية الركن اليماني كان الخصب باليمن ، وإذا كان من ناحية
الركن الشامي كان الخصب بالشام ، وإذا عمّ البيت كان في جميع البلدان ، وغير ذلك
من الآيات. والجملة مفسّرة للهدى ، أو حال أخرى.
وقوله : (مَقامُ إِبْراهِيمَ) مبتدأ محذوف خبره ، أي : منها مقام إبراهيم ، أو بدل من
«آيات» بدل بعض من الكلّ. وقيل : عطف بيان على أنّ المراد بالآيات أثر القدم في
الصخرة الصمّاء ، وغوصها فيها إلى الكعبين ، وتخصيصها بهذه الإلانة [٢] من بين الصخار
، وإبقاؤه دون سائر آثار الأنبياء عليهمالسلام ، وحفظه مع كثرة أعدائه ألوف سنة. وقيل : سبب هذا الأثر
أنّه لمّا ارتفع بنيان الكعبة قام على هذا الحجر ليتمكّن من رفع الحجارة ، فغاصت
فيه قدماه. وفيه قول آخر مرّ [٣] في سورة البقرة.
سئل الصادق عليهالسلام عن الحطيم فقال : «هو ما بين الحجر الأسود والباب. قيل
: ولم سمّي الحطيم؟ قال عليهالسلام : لأنّ الناس يحطم بعضهم بعضا. وهو الموضع الّذي فيه
تاب الله على آدم».
وقال عليهالسلام : «إن تهيّأ لك أن تصلّي صلواتك كلّها الفرائض وغيرها
عند الحطيم فافعل ، فإنّه أفضل بقعة على وجه الأرض ، وبعده الصلاة في الحجر أفضل».
وروي عن أبي
حمزة الثمالي قال : «قال لنا عليّ بن الحسين عليهماالسلام : أيّ البقاع أفضل؟ فقلنا : الله ورسوله وابن رسوله
أعلم. فقال لنا : أفضل البقاع ما بين الركن