ولمّا أمر الله
سبحانه أهل الكتاب باتّباع ملّة إبراهيم ، ومن ملّته تعظيم البيت الحرام ، فذكر
البيت وفضله وحرمته وما يتعلّق به ، فقال : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ) أي : وضع للعبادة ، وجعل متعبّدا لهم. والواضع هو الله
تعالى. ويدلّ عليه أنّه قرئ على البناء للفاعل.
عن مجاهد : أنّ
المسلمين واليهود تفاخروا ، فقالت اليهود : بيت المقدس أعظم وأفضل من الكعبة ،
لأنّها مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدّسة ، فقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ،
فأنزل الله ردّا على قول اليهود : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ» (لَلَّذِي بِبَكَّةَ) للبيت الّذي ببكّة. وهي لغة في مكّة ، كالنبيط والنميط
، وأمر راتب وراتم ، ولازب ولازم. وقيل : بكّة موضع المسجد ، ومكّة البلد. وعن أبي
جعفر عليهالسلام : «بكّة المسجد ، ومكّة الحرم كلّه». من : بكّة إذا
دقّه ، فإنّها تبكّ أعناق الجبابرة حين قصدوه ، أو من : بكّ بصيغة المجهول ،
لأنّها مزدحم الناس للطواف.
روي : «أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن أوّل بيت وضع للناس. فقال : المسجد الحرام ، ثم
بيت المقدس. وسئل كم بينهما؟ فقال : أربعون سنة».
روي عن مجاهد
وقتادة والسدّي : أنّ الكعبة هي أوّل بيت ظهر على وجه الماء عند خلق الله السماء
والأرض ، خلقه الله قبل الأرض بألفي عام ، وكانت زبدة بيضاء على الماء».
وروي عن أبي
عبد الله عليهالسلام : «أنّها كانت مهاة بيضاء» يعني : درّة.