روي عن أمير
المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «لم يبعث الله نبيّا إلّا أخذ عليه العهد
لئن بعث الله محمّدا ليؤمننّ به ولينصرنّه ، وأمره بأن يأخذ العهد بذلك على أمّته».
(فَمَنْ تَوَلَّى) أي : فمن أعرض عن الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم(بَعْدَ ذلِكَ) بعد الميثاق والتوكيد بالإقرار والشهادة (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المتمرّدون من الكفّار. ولم يقل : الكافرون ، لأنّ
المراد الخارجون في الكفر إلى أفحش مراتب الكفر بتمرّدهم ، وذلك لأنّ أصل الفسق
الخروج عن أمر الله إلى حال توبقه [١] ، وفي الكفر ما هو أكبر.
(أَفَغَيْرَ دِينِ
اللهِ يَبْغُونَ) عطف على الجملة المتقدّمة ، والهمزة متوسّطة بينهما
للإنكار ، أو على محذوف ، تقديره : أيتولّون فغير دين الله يبغون. وتقديم المفعول
لأنّه المقصود بالإنكار ، من حيث إن الإنكار الذي هو معنى الهمزة متوجّه إلى
المعبود بالباطل. والفعل بلفظ الغيبة عند أبي عمرو وعاصم في رواية حفص ويعقوب ،
وبالتاء عند الباقين على تقدير : وقل لهم.
(وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً) أي : طائعين بالنظر واتّباع الحجّة (وَكَرْهاً) أي : كارهين بالسّيف ومعاينة ما يلجئ إلى الإسلام ،
كنتق [٢] الجبل ، وإدراك الغرق [٣] ، والإشراف على الموت. وقيل : طوعا لأهل السّموات خاصّة
، وأمّا أهل الأرض فمنهم من أسلم طوعا بالنظر في الأدلّة ، ومنهم من أسلّم كرها
بالسيف أو غيره من الأسباب الملجئة إلى الإسلام. (وَإِلَيْهِ
يُرْجَعُونَ). وقرأ حفص ويعقوب بالياء على أنّ الضمير لـ «من».