لم تحدثا إلا بعد عهده بأزمنة متطاولة؟! (أَفَلا تَعْقِلُونَ) حتى لا تجادلوا مثل هذا الجدال المحال.
(ها) حرف تنبيه نبّهوا بها على حالهم التي غفلوا عنها (أَنْتُمْ) مبتدأ (هؤُلاءِ) خبره (حاجَجْتُمْ) جملة أخرى مستأنفة مبيّنة للأولى ، أي : أنتم هؤلاء
الأشخاص الحمقى الجهّال. وبيان حماقتكم وجهالتكم أنّكم جادلتم (فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ممّا وجدتموه في التوراة والإنجيل عنادا (فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ
عِلْمٌ) ولا ذكر في كتابيكم من دين إبراهيم.
وقيل : «هؤلاء»
بمعنى الّذين ، و «حاججتم» صلته. وقيل : «ها أنتم» أصله أأنتم على الاستفهام ،
للتعجّب من حماقتهم ، فقلبت الهمزة هاء.
(وَاللهُ يَعْلَمُ) شأن إبراهيم عليهالسلام ودينه وما حاججتم فيه (وَأَنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ) وأنتم جاهلون به ، فلا تتكلّموا فيه.
ثمّ كذّب
اليهود والنصارى ، وأعلمهم بأنّ إبراهيم بريء من دينهم ، فقال : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا
نَصْرانِيًّا) فهو تصريح بمقتضى ما قرّره من البرهان (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً) مائلا عن العقائد الزائغة (مُسْلِماً) كائنا على دين الإسلام ، أو منقادا لله تعالى (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أراد بالمشركين اليهود والنصارى ، لإشراكهم بالله عزيرا
والمسيح. فهذا ردّ لادّعاء المشركين أنّهم على ملّة إبراهيم ، وتعريض بأنّهم
مشركون.
وهذه الآية
تدلّ على أنّ موسى أيضا لم يكن يهوديّا ، ولم يكن عيسى نصرانيّا ، فإنّ الدين عند
الله الإسلام ، واليهوديّة ملّة محرّفة عن شرع موسى عليهالسلام ، والنصرانيّة ملّة محرّفة عن شرع عيسى عليهالسلام ، فهما صفتا ذمّ جرتا على الفرقتين الضالّتين.
(إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ) إنّ أخصّهم وأقربهم منه ، من الولي ، وهو القرب. أو
أحقّهم بنصرته بالحجّة (لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ) من أمّته في زمانه وبعده (وَهذَا النَّبِيُ)