كَالْأَنْعامِ
بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)[١] ، فإنّ التسجيل بالغفلة والتشبيه بالبهائم شيء واحد ،
فكانت الجملة الثانية مقرّرة للأولى ، فلا تناسب العطف.
و «هم» سمّاه
البصريّون فصلا ، والكوفيّون عمادا. وفائدته الدلالة على أنّ المذكور بعده خبر لا
صفة ، واختصاص المسند بالمسند إليه.
والمفلح :
الفائز بالمطلوب ، كأنّه الّذي انفتحت له وجوه الظفر. والمفلج بالجيم مثله. وهذا
التركيب وما يشاركه في الفاء والعين ـ نحو : فلق وفلذ وفلى ـ يدلّ على الشقّ
والفتح. وتعريف المفلحين للدلالة على أنّ المتّقين هم الّذين بلغك أنّهم المفلحون
في الآخرة ، أو الإشارة إلى ما يعرفه كلّ أحد من حقيقة المفلحين وخصوصيّاتهم.
فتأمّل كيف
نبّه سبحانه على اختصاص المتّقين بنيل ما لا يناله أحد من وجوه شتّى : بناء الكلام
على اسم الإشارة للتعليل مع الإيجاز ، وتكريره ، وتعريف الخبر ، وتوسيط الفصل ،
لإظهار قدرهم ، والترغيب في اقتفاء أثرهم. وقد تشبّث به الوعيديّة في خلود الفسّاق
من أهل القبلة في العذاب. وردّ : بأنّ المراد بالمفلحين الكاملون في الفلاح ،
ويلزمه عدم كمال الفلاح لمن ليس على صفتهم ، لا عدم الفلاح أصلا.