(ذلِكَ) إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره. وهو مبتدأ خبره (نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) بواسطة جبرئيل. وقوله : (مِنَ الْآياتِ) خبر بعد خبر ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو حال من الهاء.
ويجوز أن يكون خبرا و «نتلوه» حالا ، على أنّ العامل معنى الإشارة ، وأن يكونا
خبرين. ومعناه : من جملة الحجج الدالّة على صدق نبوّتك ، إذا علمتهم بما لا يعلمه
إلّا قارئ كتاب أو معلّم ، ولست بواحد منهما ، فلم يبق إلّا أنّك قد عرفته من طريق
الوحي. (وَالذِّكْرِ
الْحَكِيمِ) المشتمل على الحكم ، أو الحكم الممنوع عن تطرّق الخلل
إليه. والمراد به القرآن. وقيل : اللوح.
عن ابن عباس :
أن العاقب والسيّد ومن معهما من وفد نجران قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل رأيت ولدا من غير ذكر؟ فنزلت : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ
آدَمَ) إنّ شأن عيسى وحاله العجيبة كشأن آدم. وقوله : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) جملة مفسّرة للتمثيل ، مبيّنة لما به الشبه ، أي : خلق
آدم من تراب ولا أب هناك ولا أمّ ، فكذلك عيسى خلق من غير أب ، فهو مثيله في أحد
الطرفين ، والوجود من غير أب وأمّ أغرب وأدخل في باب خرق العادة من الوجود من غير
أب ، فشبّه الغريب بالأغرب ، ليكون أقطع للخصم ، وأحسم لمادّة الشبهة. والمعنى :
قدّره جسدا من طين بدون وساطة الأب والأمّ.