ويخبركم أنّه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى ، وأنّها تفتح لكم
وأنتم تحفرون من شدّة الخوف.
فأنزل الله
تعالى هذه الآية في ذلك ، وعقّبه ببيان قدرته على معاقبة الليل والنهار والموت
والحياة ، وسعة فضله ، فقال : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي
النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير تقتير ، دلالة على أنّ من قدر على معاقبة الذلّ
والعزّ وإيتاء الملك ونزعه ، قدر على إعطاء المؤمنين الملك والعزّ والنصر ،
والغلبة على أهل الكفر.
والولوج :
الدخول في مضيق. وإيلاج الليل والنهار إدخال أحدهما في الآخر بالتعقيب أو الزيادة
والنقص.
والمراد بإخراج
الحيّ من الميّت وبالعكس إنشاء الحيوانات من موادّها وإماتتها ، أو إنشاء الحيوان
من النطفة والنطفة منه. وقيل : إخراج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن.
روي جعفر بن
محمد عن أبيه ، عن آبائه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لمّا أراد الله تعالى أن ينزل فاتحة الكتاب ،
وآية الكرسي [١] ، وشهد الله [٢] ، وقل اللهمّ مالك الملك ـ إلى قوله : ـ «بغير حساب» ،
تعلّقن بالعرش وليس بينهنّ وبين الله حجاب ، وقلن : يا ربّ تهبطنا إلى دار الذنوب
، وإلى من يعصيك ، ونحن معلّقات بالطهور وبالقدس! فقال تعالى : وعزّتي وجلالي ما
من عبد قرأكنّ في دبر كلّ صلاة إلّا أسكنته حظيرة القدس على ما كان فيه ، وإلّا
نظرت إليه بعيني المكنونة في كلّ يوم سبعين نظرة ،