والتوفيق (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) من أعدائك في أحدهما ، أو فيهما ، بالتخلية والخذلان. وعن
الشبلي : تعزّ بالمعرفة من استغنى بالمكوّن عن الكونين ، وتذلّ من استغنى بالخلق
عن الخالق ، أو المراد عزّ القناعة وذلّ الحرص.
(بِيَدِكَ الْخَيْرُ) تؤتيه أولياءك على رغم أعدائك. واللام للجنس ، أي :
الخير كلّه في الدنيا والآخرة من قبلك. وإنّما قال : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) وإن كان بيده كلّ شيء من خير أو شرّ ، لأنّ الآية
تضمّنت إيجاب الرغبة إليه ، فلا يحسن في هذه الحالة إلّا ذكر الخير ، لأنّ الترغيب
لا يكون إلّا في الخير ، أو ليكون مشعرا بأنّ الخير بالذات من الله تعالى ، والشرّ
لا يكون منه إلّا بالعرض (إِنَّكَ عَلى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ) لا يعجزك شيء ، تقدر على إيجاد المعدوم ، وإفناء
الموجود ، وإعادة ما كان موجودا.
وروي الثعلبي
بإسناده عن عمرو بن عوف ما حاصله : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في وقعة الأحزاب حين خطّ الخندق ، وقطع لكلّ عشرة
أربعين ذراعا ، وأخذوا يحفرون ، فظهر فيه صخرة عظيمة لم تعمل فيها المعاول ،
فوجّهوا سلمان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخبره ، فجاء صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخذ المعول منه فضربها به ضربة صدّعها [١] ، وبرق منها
برق أضاء ما بين لابتي [٢] المدينة ، كأنّ مصباحا في جوف بيت مظلم ، فكبّر وكبّر
معه المسلمون ، وقال : أضاءت لي منها قصور الحيرة [٣] كأنّها أنياب
الكلاب.
ثمّ ضرب
الثانية فقال : أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم.
ثمّ ضرب
الثالثة فقال : أضاءت لي قصور صنعاء واليمن ، وأخبرني جبرئيل عليهالسلام أنّ أمّتي ظاهرة على كلّها ، فأبشروا.
فقال المنافقون
: ألا تعجبون من محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يمنّيكم ويعدكم الباطل ،