الله ، لقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ
أَكْبَرُ)[١] ، وأوسطها الجنّة ونعيمها.
(الَّذِينَ يَقُولُونَ
رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) أي : صدّقنا بالله ورسوله (فَاغْفِرْ لَنا
ذُنُوبَنا) استرها علينا وتجاوزها عنّا (وَقِنا عَذابَ النَّارِ). والموصول موضع جرّ ، لكونه صفة للمتّقين ، أو للعباد ،
أو موضع رفع ، أو نصب على المدح. وفي ترتيب السؤال على مجرّد الإيمان دليل على
أنّه كاف في استحقاق المغفرة أو الاستعداد لها.
ثمّ بيّن
صفاتهم الحسنة وسماتهم السيّئة بقوله : (الصَّابِرِينَ) على فعل ما أمرهم الله به ، وترك ما نهاهم عنه (وَالصَّادِقِينَ) في إيمانهم وأقوالهم (وَالْقانِتِينَ) المطيعين. وقيل : الدائمين على العبادة (وَالْمُنْفِقِينَ) أموالهم في سبيل الله (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
بِالْأَسْحارِ) أي : المصلّين وقت السحر. وقيل : الّذين تنتهي صلاتهم
إلى وقت السحر ، ثمّ يستغفرونه ويدعون. وتوسيط الواو بين الصّفات للدلالة على
استقلال كلّ واحد منها وكمالهم فيها ، أو لتغاير الموصوفين بها.
وحصر هذه
الصفات لمقامات السالك على أحسن ترتيب ، فإنّ معاملته مع الله تعالى إمّا توسّل
وإمّا طلب. والتوسّل إمّا بالنفس ، وهو منعها عن الرذائل ، وحبسها على الفضائل ،
والصّبر يشملهما. وإمّا بالبدن ، وهو إمّا قول ، وهو الصدق ، وإمّا فعل ، وهو
القنوت الّذي هو ملازمة الطاعة. وإمّا بالمال ، وهو الإنفاق في سبيل الخير. وأمّا
الطلب فبالاستغفار ، لأنّ المغفرة أعظم المطالب ، بل الجامع لها. وتخصيص الأسحار ،
لأنّ الدعاء فيها للمتهجّدين أقرب إلى الإجابة ، لأنّ العبادة حينئذ أشقّ ، والنفس
أصفى ، والقلب أجمع ، سيّما للمتهجّدين.