ثمّ بيّن
وحدانيّته بنصب الدلائل الدالّة عليها ، وإنزال الآيات الناطقة بها ، فقال : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) شبّه سبحانه دلالته على وحدانيّته بالأفعال الّتي لا
يقدر عليها غيره ، والآيات الناطقة بتوحيده ، مثل سورة الإخلاص وآية الكرسي
وغيرهما ، بشهادة الشاهد في البيان والكشف. وكذلك قوله : (وَالْمَلائِكَةُ) بالإقرار بها (وَأُولُوا الْعِلْمِ) بالإيمان بها والاحتجاج عليها. فشبّه إقرار الملائكة
وأولي العلم بشهادة الشاهد في الكشف والبيان.
(قائِماً بِالْقِسْطِ) مقيما للعدل فيما يقسم للعباد من الأرزاق والآجال ،
وفيما يأمر به عباده من الإنصاف والعمل على التسوية فيما بينهم. وانتصابه على أنّه
حال مؤكّدة من اسم الله ، كقوله : (وَهُوَ الْحَقُّ
مُصَدِّقاً)[١]. وإنّما جاز إفراده بها ، ولم يجز : جاء زيد وعمرو
راكبا ، لعدم اللبس ، كقوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً)[٢].
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كرّره للتأكيد ، ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلّة التوحيد ،
والحكم به بعد إقامة الحجّة ، وليبني عليه قوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فيعلم أنّه الموصوف بهما.