أنّهم انهمكوا في محبّتها حتى أحبّوا شهوتها. والمزيّن هو الله سبحانه بما
جعل في الطباع من الميل إليها ، ابتلاء وتشديدا للتكليف ، كقوله : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً
لَها لِنَبْلُوَهُمْ)[١]. أو لأنّه يكون وسيلة إلى السعادة الأخرويّة إذا كان
على وجه يرتضيه الله ، أو لأنّه من أسباب التعيّش وبقاء نوع الإنسان. وعن الحسن :
زيّنها الشيطان لهم ، لأنّا لا نعلم أحدا أذمّ لها من خالقها. وعند الجبائي :
للشهوة المباحة هو الله تعالى [٢] ، للشهوة المحرّمة هو الشيطان.
ثمّ بيّن
الشهوات بقوله : (مِنَ النِّساءِ) قدّمهنّ لأنّ الفتنة بهنّ أعظم ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء». وقال
: «النساء حبائل الشيطان». وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «المرأة شرّ كلّها ، وشرّ ما فيها أنّه لا بدّ منها ،
وهي عقرب حلوة اللسعة».
ثمّ ثنّى بقوله
: (وَالْبَنِينَ) لأنّ حبّهم داع إلى جمع الحرام.
ثمّ ثلّث بقوله
: (وَالْقَناطِيرِ
الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) لأنّهما ـ لكونهما وسيلة إلى تحصيل سائر المقاصد
والمطالب ـ أحبّ إلى الناس من غيرهما من الأمتعة الدنيويّة. والقنطار المال
الكثير. وقيل : سبعون ألف دينار. وقيل : مائة ألف دينار. وقيل : ملء مسك ثور.
واختلف في أنّه فعلال أو فنعال. والمقنطرة مأخوذ منه للتأكيد ، كقولهم : بدرة
مبدّرة ، وألف مؤلّفة.
(وَالْخَيْلِ
الْمُسَوَّمَةِ) المعلمة. وهي من السومة ، وهي العلامة ، أو المرعيّة من
: أسام الدابّة وسوّمها. ولمّا كانت الخيل أشرف الحيوانات بعد الإنسان قدّمها على
قوله : (وَالْأَنْعامِ) وهي : الإبل والبقر والغنم. ولشرف الحيوانات على
الجمادات قدّمها على قوله : (وَالْحَرْثِ) وهو جنس المزروعات.