فيما بعد : (وَلا تُحَمِّلْنا ما
لا طاقَةَ لَنا) وقوله : (قالَ رَبِّ احْكُمْ
بِالْحَقِ)[١].
(رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ
عَلَيْنا إِصْراً) عبأ [٢] ثقيلا يأصر صاحبه ، أي : يحبسه في مكانه ، يريد به
التكاليف الشاقّة (كَما حَمَلْتَهُ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) حملا مثل حملك إيّاه من قبلنا ، أو مثل الّذي حملته
إيّاهم ، فيكون صفة لـ «إصرا».
والمراد به ما
كلّف به بني إسرائيل من قتل الأنفس ، وقطع موضع النجاسة ، وخمسين صلاة في اليوم
والليلة ، وصرف ربع المال في الزكاة ، أو ما أصابهم من الشدائد والمحن.
(رَبَّنا وَلا
تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) من العقوبات الّتي لا تحملها الطاقة البشريّة النازلة
بمن قبلنا. طلبوا الإعفاء عن التكاليف الشاقّة الّتي كلّفها من قبلهم ، ثمّ عمّا
نزل عليهم من العقوبات على تفريطهم. والتشديد هاهنا لتعدية الفعل إلى المفعول
الثاني.
(وَاعْفُ عَنَّا) وامح ذنوبنا (وَاغْفِرْ لَنا) واستر عيوبنا ، ولا تفضحنا بالمؤاخذة (وَارْحَمْنا) وتعطّف بنا ، وتفضّل علينا (أَنْتَ مَوْلانا) سيّدنا ونحن عبيدك ، أو أنت متولّي أمورنا وناصرنا (فَانْصُرْنا) أعنّا (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) بالقهر لهم ، والغلبة بالحجّة عليهم ، فإنّ من حقّ
المولى أن ينصر مواليه على الأعداء. والمراد به عامّة الكفّار.
روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ الله سبحانه قال عند كلّ فصل من هذا الدعاء : فعلت
واستجبت». ولهذا استحبّ الإكثار من هذا الدعاء. ففي الحديث المشهور عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أوتيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم
يؤتهنّ نبيّ قبلي».