ثمّ بيّن
سبحانه أنّه حيثما أمر ونهى لا يكلّف إلّا دون الطاقة ، فقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) الوسع ما تسع له قدرة الإنسان ولا يضيق عليه ، أي : لا يأمر ولا ينهى أحدا
إلّا ما يسعه. وهذا إخبار عن عدله ورحمته.
(لَها ما كَسَبَتْ) أي : ثواب ما اكتسبت من الطاعات ، لا يثاب بطاعتها
غيرها (وَعَلَيْها مَا
اكْتَسَبَتْ) أي : عقاب ما اكتسبت من المعاصي والسيّئات ، لا يؤاخذ
بذنبها غيرها. وتخصيص الكسب بالخير والاكتساب بالشرّ لأنّ الاكتساب اعتمال ،
والشرّ تشتهيه النفس وتنجذب إليه ، فكانت أجدّ في تحصيله وأعمل ، بخلاف الخير.
(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا
إِنْ نَسِينا) أي : إن لم نفعل فعلا يجب فعله على سبيل السهو (أَوْ أَخْطَأْنا) أي : فعلنا فعلا يجب تركه من غير قصد ، يعني : ترك واجب
أو فعل حرام يكون سببهما النسيان والخطأ. ويحسن هذا في الدعاء على سبيل الانقطاع
إلى الله تعالى وإظهار الفقر إلى مسألته والاستعانة به ، وإن كان مأمونا منه
المؤاخذة بمثله ، لاستلزامها القبح ، والله تعالى منزّه عنه. ويجري ذلك مجرى قوله