لمّا أمر
سبحانه بالنفقة ، ورغّب فيها بأبلغ وجوه الترغيب ، وبيّن ما يكمل ثوابها ، عقّب
ذلك ببيان أفضل الفقراء الّذين هم مصرف الصدقات ، فقال :
(لِلْفُقَراءِ) متعلّق بمحذوف ، والتقدير : اعمدوا للفقراء واجعلوا ما
تنفقونه للفقراء ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : صدقاتكم للفقراء. (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أحصرهم الجهاد (لا يَسْتَطِيعُونَ) لاشتغالهم به (ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) ذهابا فيها للكسب.
قيل : هم أصحاب
الصفّة ، وهم نحو من أربعمائة رجل لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر ، فكانوا
يسكنون في صفّة المسجد ، وهي سقيفة يستغرقون أوقاتهم لتعلّم القرآن ، ويلتقطون في
النهار النوى ويقنعون بدقيقه ، وكانوا يخرجون في كلّ سريّة يبعثها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمن عنده فضل أتاهم به إذا أمسى.
وعن ابن عبّاس
: وقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما عليهم فرأي جهدهم وفقرهم وطيب قلوبهم بذلك فقال : «أبشروا
يا أصحاب الصفّة ، فمن بقي من أمّتي على التعب الّذي أنتم عليه راضيا بما فيه
فإنّهم رفقائي».